Sunday, March 29, 2009

العنصرية الوطنية

العنصرية الوطنية
أنت من أهل مكة، من أصول جاوية
مدير شركة خاصة بك، تقدم لإحدى المناصب رجلين ، الأول لؤي نمقاني و الآخر صنيان البليهيد
مؤهلاتهم قريبة من بعض ولكن ولد البليهيد تخرج من هارفرد عمره ٢٥سنة و متزوج والنمنقاني تخرج من جامعة نيوزلندية متوسطة المستوى عمره ٣٠ و ما زال يلعب بذيله
من تختار؟
أنت من أهل القصيم و جد جد جد جدك هو أول بشر مشى على تراب بريدة
ابنتك في سن زواج ، تقدم إليها خاطبان ، سلمان الدغيشم و داؤود فلاته
متساوون في كل شيء إلا أن سلمان لا يصلي في المسجد بعكس داؤود الذي نادرا ما تفوته تكبيرة الإحرام
من تختار؟
قرأت مقالين من كاتبين تعدهما أنت أنهما من "بني ليبرال" أحدهم قبيلي و الآخر ماش
عندما تتعرض لهما بالشتيمة غالبا ستقول عن الذي ليس بقبيلي : يا طقة حج و لم يعد عد إلى باكستان
هل ستقولللقبيلي يا ولد القبيلة الفلانية هذا كله من عاداتك أنت و قبيلتك؟

هذه مجموعة من الأسئلة ، لها أجوبة صحيحة بديهية من الناحية الدينية و نحن المجتمع الذي يدعي التدين.
فلماذا يا ترى و إن كنا نعلم الإجابات الصحيحة فنحن لا نطبقها؟
هناك محوريين سننظر إليها

الأول: نحن و هم
في المملكة حاليا ما يجمعنا في الغالب ليس أننا جميعا نحب الوطن أ و أننا جميعا نريد بدراستنا و أعمالنا مصلحة الوطن و
لكن عندنا حب الجماعة، فالقصيمي و لائه قصيمي و الحجازي ولائه حجازي و الجنوبي جنوبي و هكذا دواليك
فكل يبحث عن مصلحة الجماعة ، و فالغامدي يوظف الغامدي، و المدرس البخاري يعطي التلميذ البخاري العلامة الكاملة، و الموظف الحكومي الحضرمي يمشي أوراق المراجع الحضرمي.
المشكلة أن المواطن يظن أنه بفعله هذا ينفع الوطن لأنه ينفع المواطن-بتشديد الفاء- مع أنه بلا شك أنه يضر الوطن.
فالمدير الذي يوظف أبناء القبيلة و المدرس الذي يحابي جماعته و الموظف الذي يتساهل مع أقاربه، هولاء يولدون إحساس بالظلم يتفشى في المجتمع شيئا فشيئا، فالطالب ينشر إحساسه بالظلم بين أقرانه و يساهم في الفشل الدراسي والباحث عن الوظيفة يحبط باقي القوة العاملة و يزيد البطالة والتاجر الذي لم يتساهلوا معه في الأوراق الرسمية سيمل و سياسهم في إنخفاض منسوب الإنتاج العام.
فمن خلال المحور الأول رأينا أن العنصرية أدت إلى البطالة و الفشل الدراسي و إنخفاض الإنتاجية.

الثاني : حج و لم يعد
منذ قديم الزمان و سالف العصر و الأوان و من قبل أن ينعم الله على الجزيرةالعربية بآل سعود الطيبين و أرض الحرمين كانت أرضا يحج إليها الناس من أيام إبراهيم عليه السلام من مشارق الأرض و مغاربها.
و المدينة المنورة سكنها اليهود و أجناس أخرى لفترات طويلة و الحجاز حكمه العثمانيون لفترات طويلة.
وكل ذلك كان قبل أن يوحد أل سعود الطيبين الجزيرة و قبل أن يكتشف النفط -يضم الياء-
و الحجاز بطبيعة الحال كان به قبائل استقبلت الحجاج و المهاجرين من طلبة العلم الذين جاوءا يطلبون العلم لا المال.
و هؤلاء الحجاج و طلبة العلم أعجبتهم طيبة أهل الحجاز و ترحيبهم فاستقروا في الحجاز و ساهموا بشكل كبير في بنائه و تعميره، و حتى عندما أصبح هناك مملكة عربية سعودية ساهموا بنجاح الدولة بشكل كبير.
و إذا نظرنا إلى الدول الكبرى كأمريكا و فرنسا مثلا، نجد أن من يحكم أمريكا ولد مهاجر أفريقي و نجد أن التشكيل الوزاري الفرنسي به الكثير من المهاجرين، و كذلك السعودي.
لكن الفرق هو أنه في الغرب أغلبية السكان الأصليين في البلاد ينظرون إلى هؤلاء المهاجرين بأنهم أبناء للوطن ،خدموا الأرض التي نشأوا فيها.
أما هنا في المملكة ظلت هناك شريحة كبيرة من العامة لا تتقبل المهاجرين بأي شكل كان، يرون أنهم دخلاء يبثون السموم في المجتمع السعودي، مع العلم أنهم ساهموا في تكوين هذا المجتمع منذ أيام إبراهيم عليه السلام.
المهاجرون في المجتمع السعودي تراهم مندمجون في المجتمع فلا نرى ظواهر الهند الصغرى و بخارى الصغرى و إندونوسيا الصغرى كما نرى في الغرب إيطاليا الصغيرة و المدينة الصينية و الحي اللاتيني.
المقصود أن المهاجرون هنا في المملكة تطبعوا بأطباع أهل الحجاز و أصبحوا منهم و فيهم، تخلوا عن لباسهم و لغاتهم و أصبحوا من أهل الحجاز.
ولكن السعوديون من غير أهل الحجاز لم يعرفوا هؤلاء المهاجرين و لم يعرفوا أطباعهم أو ماهيتهم، و قرروا رفضهم تماما.

أولا في كلامي هذا أقصد البعض لا الكل، في كلامي هذا أقصد الذين يعلقون على الأخبار و على مقاطع الفيديو في يوتيوب
و غيره من المواقع ، فالقبيلي من غير أهل الحجاز إن رأى ما لم يعجبه قال هؤلاء حج و لم يعد خربوا البلاد غير أن ما لم يحسب حسابه أن هؤلاء المهاجريين جنسوا-بضم الجيم- في نفس الوقت الذي جنس فيه هو و أنهم هم عمروا هذه البلاد الطاهرة ماداموا فيها
و المهاجر الذي يقول أن البدو هم سبب التخلف لم يضع في حسبانه أن هؤلاء هم من استقبلوه في أرضهم و أكرموه.

أن لا أدري إن كنت وحدي من أرى أن السعودية تعاني من العنصرية.
فإن كنتم تتفقون أنها موجودة لكنها ليست مشكلة كبرى لأنها موجودة في كل العالم، فردي بأننا مجتمع يدعي التدين، فلا يصح أن نتدين فيما نريد و ما لا نريد نتركه، فالدين نظام حياة .

و بما أني شخصيا كنت أعاني من هذه المشكلة و تخلصت منها و لله الحمد.
فالحل بالنسبة لي كان أني تعرفت علي الذين لم أكن أتقبلهم عرفت منهم من هم و رأيت أن هناك القليل من الإختلافات و تقبلت تلك الإختلافات.
فالحل هو الإختلاط.
فالعنصرية تعريفا(أحد التعاريف الكثيرة) هي: أن تحمل فكرة مسبقة عن شخص ما (سواء إيجابية أو سلبية) بسبب عرقه أو أصله و نسبه.
فالحل أن تختلط بمن تكره لتعرف من هم و ترى إن كان يجب أن تكرههم أم لا.
ابتسموا
=)


ملاحظة: الأسماء كلها تخيلية و إن صادف وجوده في الحقيقة فهي صدفة غير مقصودة

2 comments:

  1. هذه تدوينة ممتازة.. توشك أن تكون مقالة رأي باهرة لولا شيء من الإطالة.

    أنت تتقدم بخطى واثقة يا صديقي :-)


    أشرف

    ReplyDelete